يشعر أبناء شعب أوروجواي بالفخر لمستوى منتخباتهم الوطنية لكرة القدم وهو
ما بدا جليا في بطولة "كوبا أمريكا" ، لكنه ظهر قبل ذلك في المباريات
الودية الدولية وكذلك في بطولات كأس العالم للفئات العمرية الأصغر.
كما يلاحظ ذلك في الشوارع ، التي يزينها اللون "السماوي" وكذلك في المتاجر ،
التي زادت مبيعاتها في كل ما يتعلق بكرة القدم والمنتخب الأول.
ويطغى الشعور بالوحدة الوطنية والانتماء على جميع الأجيال والطبقات
الاجتماعية ، في بلد يبلغ تعداد سكانه 2ر3 ملايين نسمة ، ولا يلوح له سوى
القليل من الفرص لكي يشعر بالاتحاد.
يعد الجيل الحالي من اللاعبين ، الذي يخوض بعد غد الأحد نهائي بطولة كوبا
أمريكا بعد أن ظفر العام الماضي بالمركز الرابع بمونديال جنوب أفريقيا ،
أحد المسئولين الرئيسيين عن هذه الظاهرة.
وهناك بطل آخر هو أوسكار واشنطن تاباريز المدير الفني للفريق الأول والمشرف
العام على جميع المنتخبات الوطنية ، الذي أعد خطة شاملة انطلقت في
آذار/مارس عام 2006 ويفترض أن تستمر حتى عام 2014 على الأقل.
لكن الأمور لم تكن سهلة خلال هذه العملية ، ومنذ البداية بدت وكأنها تمثل
قطيعة مع طرق اللعب القديمة التي كانت تعتمد على النتائج في المقام الأول ،
الأمر الذي حال دون تطبيق خطط بعيدة المدى.
وقال تاباريز ذات مرة لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) أثناء تعرضه
لصعوبات كبيرة في محاولته العمل بطريقته "أشعر بأنني سياسي في معركة
انتخابية".
ولا يتذكر سوى القليلون الآن أن اتحاد أوروجواي لكرة القدم كان عليه قبل 22
شهرا أن يعرض تذكرتين بسعر واحدة لملعب "سينتيناريو" الشهير بالعاصمة
مونتفيديو ، لمساندة المنتخب الذي كان يخوض مباراة حاسمة أمام كولومبيا في
الجولة 16 من تصفيات أمريكا الجنوبية المؤهلة لمونديال جنوب أفريقيا.
كانت تتبقى مباراتان على حسم تأهل الفريق إلى أول مونديالات القارة
السمراء من عدمه ، في وقت تناقصت فيه كثيرا ثقة الجماهير في المنتخب حينها
بعد خسارته في ليما صفر /1 أمام بيرو التي كانت قد فقدت أي أمل في التأهل ،
وقبلها بجولة لم يكن قد خرج بأكثر من التعادل 2/2 أمام فنزويلا في كاراكاس
، في لقائين خاضهما كمرشح للفوز ، الذي كان بحاجة ماسة إليه.
يومها ، التاسع من أيلول/سبتمبر عام 2009 ، فازت أوروجواي على كولومبيا 3/1
وفي العاشر من تشرين أول/أكتوبر فازت أيضا على ضيفتها الإكوادور ، ليبدأ
الفريق رحلة الوصول إلى حاضر بات يعيشه الآن ، تستمتع فيه جماهيره بالمركز
الرابع المونديالي ووصافة مونديال الناشئين تحت 17 عاما في المكسيك مؤخرا
والتأهل إلى مونديال الشباب تحت 20 عاما وإلى دورة الألعاب الأوليمبية في
لندن عام 2012.
ويؤكد تاباريز أن خلق هذه الأجواء من الحماسة والسعادة والفخر ، مع الحفاظ
على التواضع وإدراك المكانة التي يحتلها الفريق في عالم الساحرة المستديرة
"أمر صعب على أي نشاط".
وفي مباراة العودة للدور الفاصل المؤهل للمونديال أمام كوستاريكا ،
تشرين ثان/نوفمبر عام 2009 ، لاحظ المدير الفني بعض الإشارات من جانب
الجماهير على بدء عملية مصالحة مع منتخب "السماوي".
ويروي المدرب المخضرم ذكرياته قائلا "ذلك كان البادرة الأولى الواضحة على
وجود أشخاص يحاولون صنع وضع مختلف. عشت ذلك من قبل عام 1990 ، عندما كانت
الجماهير تذهب لرؤية ما ترغب في رؤيته. ولو لم تره في الدقائق العشر الأولى
، تبدأ صافرات الاستهجان والسباب".
لا يحدث هذا الآن. وتكشف مشاركة الرجال والنساء والشباب والأطفال من
الجنسين في الاحتفالات ، عن أن هذا الجيل ينقذ شيئا من قلب التاريخ يطلق
عليه تاباريز اسم "ثقافة كرة القدم".
وفي النهاية، تجدر الإشارة إلى أن أوروجواي واحدة من دول العالم الأكثر
امتلاكا لشبكة منظمة فيما يتعلق بتطوير كرة القدم على مستوى الأطفال ،
اعتبارا من سن السادسة ، كما يتضمن تاريخها ذهبيتين أولمبيتين (1924 و1928)
وبطولتين لكأس العالم (1930 و1950) فضلا عن 14 لقبا في بطولة كوبا أمريكا
وعشرات الألقاب الدولية على مستوى الأندية.