في ساعة متأخرة من الليل اتت رياح باردة وامطار غزيرة ورعد وبرق وليلة مظلمة وانا جالس على فراشي اتصفح ما لدي من كتب مرة, ومتقلبا ذات اليمين وذات الشمال مرة أخرى,الى ان تملك القلق رأسي وعيني, شربت قهوتي واشعلت سيجارتي واخذت اغوص في خيالي واقلب افكاري واعود الى ذكرياتي, وفجأة سمعت صوت الرعد وكأن الدنيا اصابها زلزال فارتجفت بحدة من شدة الرعد وازدادت السماء بالماء المنهمر رحمة من الله لعباده ومخلوقاته,واذا بصوت ينادي بلهفة يا جار!يا جار ! ففتحت الباب فاذا به احد سكان البيوت الهزيلة, فاخذ يستغيث ساعدوني,ساعدوني, فاخذتني النخوة وخرجت معه ملبيا نداءه الى ما كان يسمى بيته... حيث ردف البيت من شدة الرعد والمطر فاذا بأولاده الصغار دون غطاء ولا لبس شتوي كما يجب مبللة بالماء والوحل, وما لديه من اثاث وفراش سلامتك وتعيش... وأحد أبنائه يئن تحت بعض الحطام فسارعت لإنقاذه, وجلبت الجميع الى بيتي وقدمت لهم ما توفر لدي من طعام وكساء وضمدت جراح الطفل المسكين وحين جلست في غرفتي اجهشت بالبكاء على ما آل اليه جاري, وزاد بكائي حين خطر في بالي وصية سيد الخلق ـ سيدنا محمد عليه السلام ـ عن تكرار توصياته على الجار حتى ظن الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ ان الجار يورث جاره.
اخواني بالله ,فهل النخوة ستعود يوما والجار يسأل عن جاره لا يتركه دون دواء او طعام او بسط مقومات الحياة؟؟